Wednesday, April 18, 2007

Road safety and Islam فقه المرور وآدابه في الإسلام


Hi every one,
Before I begin to talk about today's important issue of Road safety and Islam, I would like to point out a letter written by Dr. Abdulmajid Ali published in the Libyan Journal of Medicine, which I think is an excellent insight to the problem of road traffic accidents in Libya, please take the time to read it on the following link [PDF File]: Road Traffic Accidents - The Number One Killer in Libya .

Now, I found this excellent article on road manners and etiquette in Islam on a Saudi web site which I thought was important to point out. It offers religious insight to road safety. I hope you find it useful, you can see the article by Dr Misfer Ali Al-Qahtani (جزاه الله خيراً) on the original website here (esp. for article references).
One Idea you can try, is to print this article and give it to people you know or to those who give Friday sermons (خطبة الجمعة) before jum3a prayers. Maybe the article can give them ideas and evidence to help them present this topic effectively to as many people as possible. I guess it's a small step in helping to spread the principles of road safety and to make people more responsible on the roads.

د.مسفر بن علي القحطاني

الأستاذ بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر لعمر انطلق بنا لنزور أم أيمن كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما دخلا عليها، بكت. فقالا:" ما يبكيك فما عند الله خير لرسوله". قالت:" ابكي أن وحي السماء انقطع". فهيجتهما على البكاء فجعلت تبكي ويبكيان معها .

لقد كان وحي السماء للحياة أشبه بسريان الروح في الجسد الميت الخاوي أو كالنور الساطع الدفيء يشع ويضيء في غياهب الظلام الدامس كما قال الله عز وجل:"ولقد أوحينا إليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا " [الشورى52] إن بكاء الصحابة لنقطاع الوحي لم يقل عن بكائهم لفقد شخص النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان ذلك الوحي بالنسبة لهم كالبلسم الشافي من كل أمراض ومشكلات المجتمع؛ تأتي المرأة الواهنة لتشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجها في مشكلة خاصة لم يعلم بها أحد، فينزل الوحي معالجاً لها ومصلحاً لهما، كما في قوله تعالى "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير"[المجادلة1] فضلاً عن دور الوحي في تنظيم حياة الناس في جميع المجالات وحل جميع مشكلاتهم الصغرى والكبرى.

ولعلنا في هذا المقام أن نسلط الضوء على دور الشريعة الإسلامية في تنظيم شأن من شؤون الحياة وهو المتعلق بمرور الناس في الطرقات والحقوق والآداب التي أمر بها الإسلام للمارة وأهل الطريق.

والنصوص الشريعة في هذا الباب عديدة و مستفيضة نورد منها على سبيل المثال:

ما جاء في قوله تعالى:"وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما"[الفرقان63]

وقوله تعالى:"وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا نبتغي الجاهلين " [القصص55]

وقوله تعالى:" ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً. ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا . كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها " [الإسراء36، 37]

كما بين النبي صلى الله عليه وسلم بعض حقوق الطريق وآداب المرور في عدة توجيهات منها:

ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إياكم والجلوس في الطرقات " قالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه " قالوا وما حقه قال:" غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " [2]

وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر بعض أبواب الخير قوله: "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك الرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة" [3] .

إن مصادر الشريعة الموثقة قد طفحت بأمثال هذه النصوص مؤكدة هذه الحقوق، ومرشدة إلى هذه الأخلاق.

وسنؤكد على بعض آداب الطريق وحقوق المارة من خلال النقاط التالية:

1- المشي والركوب على هون:

فعباد الرحمن: هم خلاصة البشر يمشون في الطريق هوناً، لا تصنُّع ولا تكلف، ولا كبر ولا خيلاء، مشية تعبر عن شخصية متزنة، ونفس سوية مطمئنة تظهر صفاتها في مشية صاحبها. وقارٌ وسكينةٌ، وجدٌّ وقوةٌ من غير تماوتٍ أو مذلة، تأسياً بالقدوة الأولى محمد صلى الله عليه وسلم فهو غير صخَّابٍ في الأسواق ، حين يمشي يتكفَّأ تكفؤاً، أسرع الناس مشية وأحسنها وأسكنها، هكذا وصفه الواصفون، تلك هي مشيةُ أولي العزم والهمة والشجاعة، يمضي إلى قصده في انطلاقٍ واستقامةٍ لا يُصعر خده استكباراً، ولا يمشي في الأرض مرحاً. لا خفق بالنعال، ولا ضرب بالأقدام، لا يقصد إلى مزاحمة، ولا سوء أدب في الممازحة، يحترم نفسه في أدب جمٍّ، وخلقٍ عالٍ لا يسير سير الجبارين، ولا يضطرب في خفة الجاهلين. إنه المشي الهون المناسب للرحمة في عباد الرحمن، وحين يكون السير مع الرفاق فلا يتقدم من أجل أن يسير الناس خلفه، ولا يركب ليمشي غيره راجلاً.

ولا يختلف الحال عمن ركب سيارته فإن عليه السير باعتدال واطمئنان من غير تهور أو مزاحمة .

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :"السرعة المقيدة عند الجهات المختصة الأصل أنه يجب على الإنسان أن يتقيد بها لأنها أوامر ولي الأمر وقد قال الله تعالى :"يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "[النساء 59]" [4]

2- غض الصوت:

أما غض الصوت وخفضه فهو من سيما أصحاب الخلق الرفيع، وذلك في الطريق، وأدب الحديث أولى وأحرى. إنه عنوان الثقة بالنفس، وصدق الحديث، وقوة الحجة يصاحب ذلك حلم وصفح، وإعراض عن البذاءة من القول، والفحش من الحديث تجنباً لحماقة الحمقى، وسفاهة السفهاء.ولا يرفع صوته من غير حاجة إلا سيء الأدب ضعيف الحجة، يريد إخفاء رعونته بالحدة من الصوت، والغليظ من القول. وسائق السيارة يلزمه غض صوته فلا يرفع صوت المذياع أو مسجل السيارة ليسمع من في الشارع ويؤذي المارة من حوله ، كما يلزمه أن يراعي غيره عند استخدام منبه السيارة فلا يستعمله إلا عند الحاجة مراعاة لشعور إخوانه المسلمين .

3- غض البصر:

فذلك حق لأهل الطريق من المارة والجالسين.. تحفظ حرماتهم وعوراتهم، فالنظر بريد الخطايا، وإنك لترى في الطرقات والأسواق من يُرسل بصره محمَّلاً ببواعث الفتنة، ودواعي الشهوة، وقد يُتبع ذلك بكلمات وإشارات قاتلة للدين والحياء مسقطة للمروءة والعفاف.كماينبغي على راكب السيارة مراعاة حرمات الناس وعوراتهم أثناء الوقوف عند الإشارات المرورية لقرب السيارات بعضها من بعض ، كما ينبغي الحذر من المعاكسات التي أصبحت ظاهرة مرضية ومنكراً علنياً في كثير من الأسواق والمجمعات التجارية .

4- كف الأذى:

وكف الأذى عن الطريق من أبرز الحقوق. والأذى كلمة جامعة لكل ما يؤذي المسلمين من قول وعمل، يقول عليه الصلاة والسلام: ((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس)) [5] .

وحينما طلب أبو برزة – رضي الله عنه – من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلمه شيئاً ينتفع به قال: ((اعزل الأذى عن طريق المسلمين)) [6] .

وفي خبر آخر: ((بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق، فأخَّره، فشكر الله له؛ فغفر له)) [7] .

وإذا كان هذا الثواب العظيم لمن يكف الأذى، فكيف تكون العقوبة لمن يتعمد إيذاء الناس في طرقاتهم ومجالسهم، ويجلب المستقذرات، وينشر المخلفات في متنزهاتهم، وأماكن استظلالهم.

روى حذيفة بن أسيد – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من آذى المسلمين في طرقهم؛ وجبت عليه لعنتهم)) [8].

وفي حديث أبي هريرة: ((اتقوا اللعَّانين)) قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: ((الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلِّهم)) [9].

5- الطريق ملك للجميع:

وهو من المرافق العامة ، للجميع الانتفاع به بما لا يضر الآخرين باتفاق الفقهاء ، ومنفعته الأصلية : المرور فيه ، لأنه وضع لذلك ، فيباح لهم الانتفاع بما وضع له ، وهو المرور بلا خلاف ، وكذلك يباح للجميع الانتفاع بغير المرور مما لا يضر المارة ، كالجلوس في الطريق الواسعة لانتظار رفيق أو سؤال إن لم يضر المارة ، وإن لم يأذن الإمام بذلك لاتفاق الناس في سائر الأزمان والأعصار على ذلك ، وهذا أيضا محل اتفاق بين الفقهاء ، فإن ضر المارة أو ضيق عليهم لم يجز لخبر : "لا ضرر ولا ضرار" [10]

كما ذهب الفقهاء إلى حرمة التصرف في الطريق النافذة ويعبر عنه ب ( الشارع ) بما يضر المارة في مرورهم ، لأن الحق لعامة المسلمين ، فليس لأحد أن يضارهم في حقهم ، ويمتنع عند جمهور الفقهاء بناء دكة - وهي التي تبنى للجلوس عليها ونحوها - في الطريق النافدة وغرس شجرة فيها وإن اتسع الطريق ، وأذن الإمام ، وانتفى الضرر ، وبنيت للمصلحة العامة؛ لمنعهما الطروق في محلهما ، ولأنه بناء في غير ملكه بغير إذنه ، وقد يؤذي المارة فيما بعد ، ويضيق عليهم ، ويعثر به العاثر ، فلم يجز ، ولأنه إذا طال الزمن أشبه موضعهما الأملاك الخاصة ، وانقطع استحقاق الطروق .[11]

يتضح مما سبق تشديد الفقهاء ومنعهم من أي تصرف قد يضر المارة ويمنع استحقاقهم للطريق ؛ لأنه حق للجميع ولهذا نُهي عن الصلاة في قارعة الطريق مع أنها أعظم عبادة ، كما مُنع المسلم من التعريس على الطريق [12]. كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم :"إذا عرستم فاجتنبوا الطريق فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام" [13]

ولهذا لا ينبغي لأصحاب السيارات قطع طريق نافذ لأغراض شخصية ولا تضييقه على المارة ولا منع أحد من التصرف فيه؛ بل يضمن شرعا إن تعمد إيذاء أحد من أصحاب الطريق .

6- الطريق أمن وآمان:

يعتبر قطع الطريق وإخافة السبيل وترويع الآمنين من أكبر الكبائر وهي من الحدود باتفاق الفقهاء ، وسمى القرآن مرتكبيها : محاربين لله ورسوله وساعين في الأرض بالفساد وغلظ عقوبتها أشد التغليظ فقال عز وجل :"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض"[المائدة33] ونفى النبي صلى الله عليه وسلم انتسابهم للإسلام فقال علية الصلاة والسلام :"من حمل علينا السلاح فليس منا " [14]

كذلك لا يجوز استخدام السلاح أو حمل ما يزعج الناس أو يخفهم ولو لم يقصد الاعتداء ،كمن يمشي في طريق الناس أو في أسواقهم وهو يحمل سيفاً خارجاً من غمده أو خنجراً مظهراً حدّه أو معه مسدس أو بندقية محشوة رصاصاً لأنه لا يضمن الإضرار بغيره قصد ذلك أو لم يقصده قال علية الصلاة والسلام :"إذا مر أحدكم في مجلس أو سوق وبيده نبل فليأخذ بنصلها ثم ليأخذ بنصلها ثم ليأخذ بنصلها .." [15]

7- حزام الأمان سبب في النجاة والاطمئنان:

كلنا موقنون أن السلامة والحفظ هي بيد الله عز وجل " فالله خير حافظ وهو أرحم الراحمين " ولكن الشرع أمر بأخذ الأسباب والعمل على وفقها لا الاعتماد عليها ، وقد ثبت بالتجربة القطعية أن حزام الأمان يخفف من فداحة المصيبة أثناء الحادث ويحمي السائق من هول الاصطدام .

ولا ننسى أن هناك أحزمة معنوية أخرى تقي بإذن الله عز وجل أخطار كثيرة بشرط أن تطبق بصدق عقيدة وقوة يقين ، مثل : دعاء الركوب ودعاء السفر وملازمة الأذكار أثناء قيادة السيارات .

8- الأنظمة المرورية ملزمة شرعاَ:

إن هذه الأنظمة وضعها الإمام لتنظيم سير الناس على هذه الطرق، وحفظ أرواحهم من الهلاك، وبناءاً على المصلحة العظيمة المترتبة عليها فإن إلزام ولي الأمر بها مشروع جرياً على قاعدة (تصرفات الإمام بالرعية منوطة بالمصلحة ) [16] والمصلحة هنا معتبرة فهي لم تخالف نصاً من الكتاب أو السنة ومنفعتها لعموم الناس حقيقية لا وهمية وهي إن لم تكن من الضروريات فلا تنزل أبداً عن رتبة الحاجيات.

يقول سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله :"لا يجوز لأي مسلم أن يخالف أنظمة الدولة في شان المرور لما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى غيره . والدولة _ وفقها الله _ إنما وضعت ذلك حرصاً منها على مصلحة الجميع ورفع الضرر عن المسلمين فلا يجوز لأي احد أن يخالف ذلك وللمسئولين عقوبة من فعل ذلك بما يردعه وأمثاله " [17]

كما أفتى فضيلة الشيخ ابن جبرين بحرمة مخالفة أنظمة المرور في قوله :"لا تجوز مخالفة أنظمة ولوائح المرور التي وضعت لتنظيم السير ، ولتلافي الحوادث وللزجر عن المخاطر والمهاترات، وذلك مثل الإشارات التي وضعت في تقاطع الطرق ،واللافتات التي وضعت للتهدئة أو تخفيف السعة ...فعلى هذا من يعرف الهدف من وضعها ثم يخالف السير على منهجها عاصيا للدولة فيما فيه مصلحة ظاهرة ويكون متعرضا للأخطار وما وقع منه فهو اهل للجزاء والعقوبة ،وتعتبر ما تضعه الدولة على المخالفين من الغرامات ومن الجزاءات واقعا موقعه ". [18]

وقد سبق أن أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراره رقم 75/2/د8 بوجوب الالتزام بأنظمة المرور والمنع من مخالفتها .

9- دراسات واحصاءات تبين خطر الحوادث المرورية على الفرد والمجتمع:

أظهرت دراسة أعدها مجلس التعاون الخليجي ونشرت في تاريخ 3/9/2000م أن المملكة العربية السعودية تعد واحدة من أكثر بلدان العالم التي تشهد حوادث مرورية مميتة، وأظهرت الإحصائيات الرسمية في المملكة أن 4 آلاف شخص قُتلوا وأصيب 32 ألفاً آخرون نتيجة حوادث السيارات على مدى العام الماضي فقط، مما يُعدّ واحداً من أعلى نسب حوادث المرور في العالم.

وبلغت الحوادث التي وقعت العام الماضي 1423هـ3055649 حادثا مروريا نتج عنها 3913 حالة وفاة و 28379إصابة 10 % من المصابين أصبحوا معاقين . ويعتبر مجموع من قتل جرّاء الحوادث المرورية خلال العشر السنوات الماضية أكثر من 30 ألف قتيل .

وعن حجم الخسائر المالية التي تتسبب فيها هذه الحوادث المرورية؛ ذكرت الدراسة السابقة أنها تقدر بـ 21 مليار ريال سعودي سنوياً، أي ما يعادل 6 مليارات ونصف المليار دولار تقريباً؛ مما يعني أن السعودية تفقد 4% سنوياً من الناتج المحلي نتيجة لهذه الحوادث.

واختتمت الدراسة بالقول إنه خلال 30 عاماً وقع في المملكة العربية السعودية حوالي مليون ونصف المليون حادث مروري، وهي نسبة عالية جداً في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 18 مليون نسمة [19].

10-الجناية في الحوادث المرورية:

إن موضوع الجناية في حوادث المرور في وسائل النقل المعاصرة من الموضوعات الفقهية التي تحتاج إلى دراسة متقنة وبحث دقيق في نوازلها الجديدة وذلك بالنظر إلى الظروف المعاصرة التي تنوعت فيها صور الحوادث وجزئياتها ، وكثرت واقعاتها للتوسع في استخدام الوسائل الجديدة السريعة السير .. فأضحت واقعاً مشكلاً أمام القضاء لما يترتب على تلك الحوادث المرورية من ضمانات وجنايات وأضرار بالغة في الأرواح والأموال ؛ مما جعلها من نوازل العصر الملحّة في معرفة أحكامها ورأي الشرع في مستجداتها .

وفقهاؤنا الأوائل قد تحدثوا في أحكام الكثير من حوادث السير مع بساطة وسائلها في عصرهم إلا أن ما دوّنوه في كتبهم ومصنفاتهم يعتبر للفقيه المعاصر قواعد ومنارات تدله على مناط الأحكام ووجه الاستنباط في أمثال نوازل المرور المعاصرة كحكم الالتزام بأنظمة المرور ، ومدى مسئولية السائق عما تحدثه سيارته أو مركبته من ضرر ، وحكم ما تسببه البهائم من حوادث للسير في الطرقات وغيرها ؟

الحكم الشرعي : ـ

بحث مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي بعض الأحكام المتعلقة بحوادث المرور المعاصرة ، وبعد اطلاعه على البحوث التي وردت إليه بهذا الشأن واستماعه للمناقشات العلمية التي دارت حوله ، وبالنظر إلى تفاقم حوادث السير وزيادة أخطارها على أرواح الناس وممتلكاتهم ، واقتضاء المصلحة سن الأنظمة المتعلقة بترخيص المركبات بما يحقق شروط الأمن كسلامة الأجهزة وقواعد نقل الملكية ورخص القيادة والاحتياط الكافي بمنح رخص القيادة بالشروط الخاصة بالنسبة للسن والقدرة والرؤية والدراية بقواعد المرور والتقيد بها وتحديد السرعة المعقولة والمحمولة ، قرر المجمع ما يلي :-

أولاً :

أ - أن الالتزام بتلك الأنظمة التي لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية واجب شرعاً ، لأنه من طاعة ولي الأمر فيما ينظمه من إجراءات بناءً على دليل المصالح المرسلة ، وينبغي أن تشتمل تلك الأنظمة على الأحكام الشرعية التي لم تطبق في هذا المجال .

ب- مما تقتضيه المصلحة أيضاً سن الأنظمة الزاجرة بأنواعها ، ومنها التعزير المالي لمن يخالف تلك التعليمات المنظمة للمرور لردع من يُعرِّض أمن الناس للخطر في الطرقات والأسواق من أصحاب المركبات ووسائل النقل الأخرى أخذاً بأحكام الحسبة المقررة .

ثانياً :

الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبق عليها أحكام الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية ، وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ ، والسائق مسؤول عما يحدثه بالغير من أضرار ، سواء في البدن أم المال إذا تحققت عناصرها من خطأ وضرر ولا يعفى من هذه المسؤولية إلا في الحالات الآتية :-

أ ـ إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها وتعذر عليه الاحتراز منها ، وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان .

ب ـ إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيراً قوياً في إحداث النتيجة .

ج ـ إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه فيتحمل ذلك الغير المسؤولية

ثالثاً :

ما تسببه البهائم من حوادث السير في الطرقات يضمن أربابها الأضرار التي تنجم عن فعلها إن كانوا مقصرين في ضبطها ، والفصل في ذلك إلى القضاء

رابعاً :

إذا اشترك السائق والمتضرر في إحداث الضرر كان على كل واحد منهما تبعة ما تلف من الآخر من نفس أو مال .

خامساً :

أ ـ مع مراعاة ما سيأتي من تفصيل ، فإن الأصل أن المباشر ضامن ولو لم يكن متعدياً ، وأما المتسبب فلا يضمن إلا إذا كان متعدياً أو مفرطاً .

ب ـ إذا اجتمع المباشر مع المتسبب كانت المسؤولية على المباشر دون المتسبب إلا إذا كان المتسبب متعدياً والمباشر غير متعد .

ج ـ إذا اجتمع سببان مختلفان كل واحد منهما مؤثر في الضرر ، فعلى كل واحد من المتسببين المسؤولية بحسب نسبة تأثيره في الضرر ، وإذا استويا أو لم تعرف نسبة أثر كل واحد منهما فالتبعة عليهما في السواء . والله أعلم )) [20] .

وقد قامت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية ببحث أحكام حوادث السيارات وتوصلت إلى جملة من الأحكام لا تختلف في عمومها عن قرار المجمع [21] .

تقرير الاستدلال على حكم هذه النازلة : ـ

نجد أن الأحكام التي قررها المجمع بشأن حوادث السير مبنية في مجملها على دليل المصلحة المرسلة وبعض القواعد والضوابط الفقهية التي يمكن للقاضي والمفتي إدراج الكثير من النوازل المرورية المعاصرة ضمنها .

وبالنظر التفصيلي في القرار نلحظ ما يلي :-

أولاً : أن المصلحة المرسلة هي دليل الالتزام بالأنظمة المرورية التي لا تخالف أحكام الشريعة لما في الالتزام بها وطاعة ولي الأمر فيما ينظمه من إجراءاتها من حفظ لمقصود الشرع في الأنفس والأموال ولو اقتضى الأمر إلى سن العقوبات الزاجرة لمن يخالف تلك الأنظمة المصلحية [22].

والعمل بالمصلحة المرسلة حجة عند الأكثر من أهل العلم [23].

ثانياً : أن من القواعد المهمة التي تضبط حقوق الناس في حوادث المرور ؛ قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا ضرر ولا ضرار )) [24] وهذا الحديث يقرر قاعدة كلية هي من مبادئ الشريعة الإسلامية من رفع الضرر وتحريم الإضرار بالغير، وهذا الحديث إذا تأملنا فيه لا يكتفي بتحريم إضرار الغير فقط ، بل يشير إلى وجوب الضمان على من سببه ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين هذا الأصل بصيغة النهي الذي يدل على التحريم فقط ، بل إنه صلى الله عليه وسلم ذكره بصيغة نفي الجنس ، وفيه إشارة لطيفة إلى أنه كما يجب على الإنسان أن يجتنب من إضرار غيره ، كذلك يجب عليه ، إن صدر منه شيء من ذلك ، أن ينفي الضرر عن المضرور الذي أصابه ، إما بردّه إلى الحالة الأصلية إن أمكن ، وإما بتعويضه عن الضرر وأداء الضمان إليه ، ليكون عوضاً عما فاته [25].

ومما يدل على وجوب تعويض المصاب ؛ أحكام الديات المبسوطة في كتب الفقه والحديث ومن جملتها فيما يخصّ موضوعنا ، حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن ناقةً له دخلت حائطاً لرجل فأفسدت فيه ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار ، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها [26].

وهذا الحديث من أصرح الأدلة على أن من سبّب ضرراً لآخر فإنه ضامن لما أصابه، فالسائق للمركبات الناقلة مسؤول عما يحدثه بالغير من أضرار نتيجة الحوادث المرورية التي تقع به سواء كان الضرر في البدن أم المال بشرط تحقق عناصر الضمان ؛ وجملتها كما قرّره الفقهاء : أن الضمان يتحقق بأمور ثلاثة :-

التعدي والضرر وإفضائه إلى الإضرار بنفسه أو سببه المباشر [27].

أما إذا وقع الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها أو لسبب خطأ الغير وتعديه فإنه لا يضمن قياساً على راكب البهيمة فإنه يضمن جناية يدها وفمها ووطئها برجلها ولا يضمن ما نفحت برجلها أو بذنبها لأنه لا يمكنه أن يمنعها منه ، وكذا من نفّر البهيمة أو نخسها ضمن وحده جنايتها دون المتصرف فيها لأنه المتسبب [28]. وحديث: (( العجماء جرحها جبار ))[29] محمولٌ على من لا يدّ له عليها وليس لها قائد أو راكب [30] .

ثالثاً : ما تسببه البهائم من حوادث السير في الطرقات فيضمن أربابها الأضرار التي تنجم عن فعلها إن كانوا مقصرين في ضبطها لعموم قضاء النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الحوائط بحفظها في النهار وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها [31] ؛ لتفريطهم في حفظها .

وما يترتب على إهمال هذه البهائم من مفاسد وأضرار وحوادث مفجعة جعلت من السائغ شرعاً أن يتحمل أربابها الضمان والمسئولية الناجمة عنها لضررها ولمخالفة أصحابها الأنظمة واللوائح الآمرة بحفظها [32] .

رابعاً : في حالة اجتماع المباشرة والتسبب في وقوع الحادث ، فإن هناك بعض القواعد الفقهية التي قررها الفقهاء لمعرفة الضامن في الحادث هل هو المباشر أو المتسبب ؟ ومن تلك القواعد :-

- (( المباشر ضامن ، وأن لم يكن متعدياً )) [33] .

- (( المسبب ضامن إن كان متعدياً )) [34] .

- (( إذا اجتمع المباشر والمسبب ، أضيف الحكم إلى المباشر ))[35] .

وقد ابتنى على هذه القواعد تحديد الضمان والمسؤولية الجزئية الواقعة عند حصول حوادث السير المشتركة [36] .

وختاماً: أسأل الله عز وجل أن يقينا شر الحوادث والأضرار، وأن ينعم علينا بالأمن والإيمان، وأن يهدي ضالنا ويصلح شبابنا ويرحم موتانا. إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

No comments:

LinkWithin

Related Posts with Thumbnails